كلمة قداسة البابا شنودة الثالث
فى الذكرى الأولى لنياحة البابا كيرلس السادس
لقد مضى عام على نياحة البابا كيرلس السادس , وليست ادرى كيف أمضى هذا العام على ألألاف والملايين من محبيه , الذين لم يكن فى استطاعتهم أن ينسوا بركاته كل يوم , والذين كان صعباً عليهم أن يحرموا من شخصيته ومحبته وصلواته وقداساته .
ونحن بعد هذا العام نقف لنلقى كلمة وفاء بسيطة , ومهما كانت هذه الكلمة , فلا يمكن أن تفى أو ترتفع إلى المقام العظيم الذى يجلس فيه البابا كيرلس السادس .
إن البابا كيرلس , نيح الرب نفسه فى فردوس النعيم , أمضى حوالى 40 عاماً فى خدمة الكهنوت , وفى خلال تلك الفترة , حرص فى كل يوم أن يقيم القداس الإلهىلقد كان يحلو له أن يصلى جميع الصلوات , ويترنم بألحان التسبحة , ويصلى المزامير , ولا يوجد فى تاريخ الكنيسة كله إنسان مثل البابا كيرلس السادس , إستطاع أن يقيم مثل هذه القداسات , لقد حاولت ان احصى عدد القداسات التى أقامها فى حياته , فوجدت أنه صلى ما يزيد عن 12000 قداس ( بإستثناء الخمس سنين الخيرة التى مرض فيها ) وهذا أمر لم يحدث فى تاريخ أى بابا من باباوات الإسكندرية أو العالم أو الرهبان .
وكان يجد تعزية فى صلوات القداس , ولذة روحية فى صلوات التسبحة , وكل الذين يعرفونه شاهدوه ينزل من المقر الباباوى فى الثالثة صباحاً , ويصلى صلاة نصف الليل , ويرتل التسبحة بنفسه مع المرتلين فى الكنيسة , ثم يصلى القداس , ويخرج فى السادسة صباحاً قبل أن يصحو الناس .. كان عجيباً فى صلواته , وكانت الصلوات تتبعه فى كل مكان .
ومن محبته فى الصلاة إختار حياة الوحدة , فعاش متوحداً مدة طويلة , وتتلمذ على أكبر أستاذ كتب فى الوحدة فى تاريخ الرهبنة وهو القديس مار أسحق - لقد قرأت مئات الكتب النسكية , فلم أجد أعظم من كتابات مار أسحق عن حياة الوحدة والسكون .
ولقد كان البابا كيرلس يحب مار أسحق , ويقرأ كلماته ويحفظ الكثير منها , ونسخ بنفسه كتاب مار أسحق على ضوء شمعة فى مغارته وعلى لمبة من الغاز .
عاش فى وحدة فى مغارة قرب دير البراموس , يسهر الليالى فى قراءة أقوال الاباء , ويصلى فى الفجر ويقيم القداسات , وعاش فى طاحونة قرب مصر القديمة , ثم فى الكنيسة التى بناها بنفسه فى مصر القديمة , ولم يخرج من بابها إلا للضرورة القصوى , وعندما اعتلى كرسى مار مرقس , لم تتركه حياة الوحدة , بل كثيراً ما كان يذهب إلى دير مار مينا بصحراء مريوط .. وكان يريد أن يمتلئ من ثمار الوحدة لنفسه .
صلوا من اجلنا