ميداد عضو نشيط
عدد الرسائل : 591 العمر : 37 شفيعى : القديس العظيم مار جرجس الرومانى تاريخ التسجيل : 31/05/2008
| موضوع: افراهاط الحكيم الأربعاء يوليو 02, 2008 7:53 am | |
| الاسم :افراهاط الحكيم | الولادة: 270 | الوفاة: 346 | القرن: القرن الثالث | | يعدّ يعقوب افراهاط أحد أقدم شهود لاهوت كنيسة ما بين النهرين ،وممارساتها الطقسية ،وصلت كتاباته إلينا ،من هنا أهميته. ليس في حوزتنا معلومات دقيقة عن حياته ونشاطه ،إنما نستدل ،من كتاباته ،إنه من أصل يهودي ، وليس وثنيا مرتدا كما كان يعتقد .إنه أحد المنتمين النشطين إلى جماعة أبناء العهد .عاش في أيام الشاه الفارسي شابور الثاني (309-379 ) ومات في أغلب الظن عام346 .ويبدو أنه اسقف بسبب لهجته في الكتابة وتسميته ب سرياني وهو لقب الاسقف .سماه المؤرخون السريان بالحكيم لجودة أدبه ،وحصانة فكره ،وأمانته على نقاوة الإيمان ،ولكن في اعتقادي لهذه التسمية علاقة مع ((معلم البر ))في تنظيم الاسينيين ،أي حاملي الشفاء . فقد جاء في نظام هذه الجماعة ((للرجل الحكيم ،أن يعلم القديسين ليعيشوا بحسب نظام الجماعة ،ليطلبوا الله من كل قلبهم)).
تآليفه : وصلنا من افراهاط 23 موعظة( سرياني ـ بينة)،لخص فيها للموعوظين ولجماعة العهد ،العقيدة والآداب المسيحية .وقد أورد تاريخ كتابته إياها في الموعظة 22 : ((كتبت هذه المواعظ الإثنتين والعشرين ،مرتبة على الأحرف الأبجدية الاثنين والعشرين .وقد ألفت العشر الأولى سنة648 (336 ـ 337 م)لملك اسكندر بن فيليبس المقدوني ،كما هو محرر في آخرها .أما الاثنتي عشرة الأخرى ،فقد كتبتها في سنة 655 (343 ـ 344 م)لملك اليونان والرومان في سنة 35 لحكم شابور الملك الفارسي )).والموعظة 23 ((العنقود ))فقد جاء في خاتمتها إنه كتبها في شهر آب عام 345 . إكتشف هذه المواعظ العالم البريطاني كيورتن في دير السريان بمصر في ثلاث مخطوطات تعود إلى القرنين الخامس والسادس ،ونشرها لأول مرة وليم رايت ثم باريزو مع الترجمة اللاتينية .كما توجد ترجمات حديثة بالإنكليزية والألمانية والفرنسية والإيطالية وهناك مختارات قديمة من مواعظه بالعربية وهذه عناوينها: 1-الإيمان 2-المحبة 3-الصوم 4-الصلاة 5-الحروب 6-جماعة العهد 7-التائبون 8-قيامة الموتى 9-التواضع 10-الرعاة 11-الختان 12-الفصح 13-السبت 14-رسالة رعوية ـ مجمعية 15-الحلال والحرام من الأطعمة 16-تنصر الوثنيين 17-معنى ((المسيح ابن الله)) 18-البتولية والقداسة 19-ضد اليهود 20-مساعدة الفقراء 21-الاضطهاد 22-الموت والأزمنة المقبلة 23-العنقود
صحة الإسناد يذكر أفراهاط إنه كتب 22 موعظة على عدد الحروف الأبجدية ،ويؤكد ذلك ابن العبري وعبد يشوع الصوباوي.أما الإشكالية فتعود إلى أن المخطوطتين ،اللتين اكتشفهما كيورتن تنسبان إليه23 موعظة .واحتار العلماء في تحديد صحة إسنادها.منهم من أنكر صحة نسبة رقم14 إلى افراهاط وآخرون قالوا إنها له وآخرون أنكروا صحة إسناد الأخيرة23 .بيد أني أرى أن الأخيرة 23 هي من تأليفه،وأن الرابعة عشر ليست له وللأسباب التالية:
الموعظة 23 1-أسلوبها ،وأفكارها مطابقة للسابقات .فافراهاط يستعمل الأسلوب المباشر ((أيها الحبيب)). 2-إنها بمثابة مدخل: ((تسلمت رسالتك ،أيها الأخ الحبيب ،وسررت كثيرا بمطالعتها وبرغبتك في ايجاد اجوبة (لاسئلتك).. إستمع إلى ما سأقوله لك .افتح لي عيني قلبك الداخليتين ،وحواس ذهنك الروحية ..أكتب لك أيها الأخ الحبيب إستجابة لطلبك حول المسائل التي طرحتها ))ويذكره بذلك في الموعظة 6 ((إقرأ ما قد كتبته لك وللأخوة ،ابناء العهد ،الذين يحبون البتولية)). 3-لربما قد حصل خطأ في نقل التاريخ 345 عوض335 ،والحرفان د و ج متشابهان في السريانية ،وهذا أمر مألوف لدى النساخ .فالأضبط إنه كتبها في 335 . 4-يستعرض فيها تصميم الخلاص ليتناوله بالتفصيل في المواعظ اللاحقة. 5-الصلاة الطويلة (المقاطع 53 ـ 60 )دخيلة ولا صلة لها بالموضوع ،وتشبه إلى حد كبير الصلوات التي تقال بعد(( سرياني ))في صلاة الصبح عند الكلدان .
الموعظة 14 1-إنها رسالة مجمعية بالمعنى الحصري .فالكاتب يتكلم بصيغة الجمع وكمن له سلطان: ((إلى اخوتنا الأحباء ،الأعزاء الأساقفة والكهنة مع لفيف ابناء الكنيسة القاطنين في ساليق وقطيسفون))في حين أن المواعظ الأخرى موجهة إلى شخص يدعوه ((الأخ الحبيب)). 2-وتشير الموعظة ،بصراحة ،إلى الخلاف القائم بين رؤساء الكنيسة ،لأجل ذلك يكتب إليهم ،داعياًإياهم إلى الخضوع والوحدة : ((أيها الاخوة :كتبنا لكم بسبب البلبلة التي حدثت ،لكي يحصل بيننا الوفاق والسلام ..تعلمون ،يا أحباءنا ،أن أرباب الشريعة والسلطان المتولين أمر شعبنا ،قد تغيروا علينا بغضاً وحسداً بسبب مطامعهم الخسيسة ،مع أن سلوكنا يوافق تعليمنا.إننا قد سرنا علانية وأدبنا علانية ،بيد أن الدرجة المقدسة التي قبلها منا أشخاص بوضع اليد ،هي السبب في النزاع . قلما يوجد من يسأل عمن يتقي الله ،بل يسأل عمن هو أقدم في الرسامة .فإن قيل :فلان أقدم ،قال: يحق له التقدم في المجلس)). 3-وردت فيها كلمات يونانية في حين لا أثر لها في المواعظ الأخرى . 4-إنها موعظة طويلة مملة عكس المواعظ الأخرى المقتضبة . في اعتقادي أن المواصفات التي وردت فيها هي أقرب إلى زمن الجاثليق يوسف الأول (توفي 567 )منها إلى زمن افراهاط.
أسلوبه : يكتب افراهاط نثرا إلا أنه سرعان ما ينتقل إلى السجع ويجعلك تشعر بأنك تقرأ لصديق حميم ،يخاطبك بقلبه وعاطفته .لغته بسيطة وصافية من الألفاظ الدخيلة .ويستعمل أحياناً بعض الصور والمقارنات ،ويستمد معظمها من الكتاب المقدس .
أطروحاته اللاهوتيه : تعد مواعظ افراهاط الحكيم مواعظ تعليمية روحية وهي أقدم وثائق مكتوبة وصلتنا عن كنيسة ما بين النهرين ،فهي تعكس صفاء فكره ،قبل أن يتأثر بالفكر اليوناني عن طريق مدرستي الرها ونصيبين . إنها مشبعة بآيات من الكتاب المقدس الذي يعرفه معرفة واسعة ،ويسمي نفسه ((تلميذ الكتب المقدسة )) وقيل :لو ضاع الكتاب المقدس لوجد لدى افراهاط .كما ويعرف عادات وتقاليد اليهود ويفنّد اعتراضاتهم إلى المسيحية .
هذه أهم أطروحاته : 1-الإيمان في الموعظة الاولى من مجموعته ،يشبه أفراهاط الإيمان ببناء شامخ مشيد من مواد عديدة وألوان مختلفة أساسه ((صخرته المتينة))هو المسيح .هذا التشبيه يستمده من الرسالة إلى افسس (2/20 ـ 22 )، فراح يبني مواعظه على هيئة هرم كبير:بدايته الإيمان وقمته الموت والثواب .وهذا يتم في شريط طويل من العيش المتطلب: ((يؤمن الإنسان أولا ثم يرجو ويتبرر ويتدرج في الكمال حتى يصبح هيكلا لائقا بالمسيح ..لما يؤمن الإنسان ،يشرع في الدرس باستمرار ،ليثري ذاته وليغدو مسكنا لروح المسيح لذلك ينبغي عليه أن يمارس الصوم والصلاة والمحبة والصدقة والتواضع والقداسة والعفة والحكمة البساطة والصبر والضيافة واللطف والزهد.الإيمان يتطلب كل هذه الزينة))(1/1 ـ 4).إذن ،الإيمان ليس في نظر افراهاط مسألة نظرية فحسب ،وإنما هو انتماء يومي ،يترجم في تفاصيل الحياة . لقد ورد في هذه الموعظة قانون إيمان جاء بصيغة بسيطة وبعيدة عن الجدالات اللاهوتية المعقدة التي اشتها المسيحية في القرنين الرابع ـ الخامس ،قد يكون صدى للصيغة التي كانت تطلب من طلاب العماد قبيل تغطيسهم في الماء ،أو هو جواب على أسئلة مخاطبه ،ولا علاقة له بقانون إيمان نيقية 325 الذي يجهله تماما . الإيمان هو : 1-أن يؤمن الإنسان بالله رب الكل ،خالق السموات والأرض والبحار وكل ما فيها. 2-خالق آدم (الإنسان)على صورته. 3-والمعطي موسى التوراة . 4-والذي أرسل روحه إلى الأنبياء . 5-والذي في الأخير :أرسل مسيحه إلى العالم . 6-والإيمان هو أيضا ،أن يؤمن الإنسان بقيامة الموتى . 7-وبسر المعمودية . هذا هو إيمان ((كنيسة الله)). بعده ،يسرد افراهاط بعض أمور عملية على المؤمن تجنبها كي يكون انتماؤه كاملاً: ((على المؤمن أن يكف عن حفظ الساعات والسبوت والأشهر والفصول ،والسحر والتكهين والتنجيم ،والشعوذة والفجور ،والمعتقدات الباطلة والأقوال المنمقة المعسولة والتجديف والزنى والشهادة بالزور والكلام بلسانين .هذه الأعمال ،إذا تجنبها ،يكون قد سلك في الطريق المؤدية إلى الصخرة الحقيقية ،أي المسيح،المشيد عليه البناء كله )).هذه التعليمات الخاصة بالآداب المسيحية ،تشبه إلى حد كبير مذهب الطريقين الذي يذكره كتاب الديداكية والراعي لهرماس .
2-وحدانية الله والثالوث مفهوم الثالوث غير متبلور بصيغته اللاهوتية ، بعد ،عند افراهاط بالرغم من استعماله مصطلح الثالوث نجد لديه الألفاظ :الآب والابن والروح القدس ،ولكن من دون أن يشرح مدلول كل منها : ((هذا ما أقوله وأقره:إن الله واحد ومسيحه واحد والروح واحد والإيمان واحد والمعمودية واحدة)). ((أُؤمن بثبات وحق أن الله واحد وثالوث في آن .وأعترف بصدق بالبشرية التي اتخذها الابن)).لا يشك افراهاط ،طرفة عين ، في احدية الله ،ولا يفهم الثالوث ثلاثة آلهة على غرار الأساطير الوثنية : ((نحن نعرف أن الله واحد .ونشكر ونسجد ونهلل ونبجل ونمجد عظمته بواسطة ابنه يسوع ،مخلصنا الذي اختارنا وقربنا إليه ،وعرفنا به )). كما توجد الصيغة العمادية : الآب والابن والروح القدس .
3-يسوع المسيح عقيدة افراهاط ،بخصوص المسيح ،وردت بشكل رئيس في الموعظة 17 ،وهي صدى لما جاء في الإنجيل يسوع شخص تاريخي كامل ،فيه حاضر الله ويتجلى: ((نسجد ليسوع لأننا نعترف إن الله حاضر فيه )). وأفراهاط بعيد عن التعابير اللاهوتية التقنية :طبيعة ،أقنوم،جوهر ،شخص ،بل يسلك خط العهد الجديد نفسه: ((إننا نؤكد بثبات أن يسوع ربنا ،إله وإبن الله ،ملك وإبن ملك ،نور من نور ،إبن،مشير ،دليل ،طريق ،مخلص ،راع،جامع ،باب ،جوهرة ،سراج ،وله أسماء أخرى نتركها الآن لنبين أنه ،إله وإبن الله ومن الله أتى ،إن إسم الألوهة حمله أناس أبرار ،دعاهم الله أبناءه .ندعوه إلها مثل موسى (خروج6/21)وابنا وحيدا مثل إسرائيل،ويسوع مثل يشوع بن نون،وكاهنا مثل هارون ،وملكا مثل داود،ونبيا عظيما مثل كل الأنبياء ،وراعيا مثل جميع الرعاة الذين قادوا إسرائيل ودبروه .إما نحن فقد دعانا أبناء ،لأنه جعلنا إخوته وإصدقاءه)). التجسد في نظر افراهاط ،حضور ملموس ومؤنسن لكلمة الله : ((ولد مثلنا وعاش بيننا ووضّع نفسه أكثر منا وتحمل الإهانات في سبيلنا)) ، ((وليس له خطيئة)) ، ((إنه آدم الثاني أعاد آدم الأول إلى مكانه في الفردوس )). ولشرح إتحاد الكلمة الالهي بالإنسان يسوع ،يستخدم مثل الشمس التي تبقى واحدة بالرغم من إنتشارها في كل مكان .ويستعمل العبارات اللاهوتية المتداولة عند الآباء : لبس جسدا ،هو هيكل الروح القدس .المهم أفراهاط ينطلق من كل حدث وشخص حتى يصل إلى المسيح وبواسطته إلى الآب .
4-الروح القدس يصعب تحديد هوية واضحة للروح القدس في مواعظ افراهاط .إنه يدعوه تارة ((روح يسوع )) وطوراً ((روح الله))وكأنه مجرد مرادف لكلمة ((الله)).في اللغة السريانية جاءت لفظة (( سرياني )) مؤنثة ،خلاف الكلمة اليونانيةpneuma ،التي هي لا مؤنثة ولا مذكرة .لذلك نجد ((الروح))في نسخ قديمة من (العهد الجديد)بصيغة المؤنث ،مثلا في قول يسوع لتلاميذه : ((إن الروح القدس،الفارقليط..سوف تعلمكم كل شيء ))(يوحنا 14/26). عند افراهاط ليست المسألة صرفية ،إنما الروح القدس هو بمثابة أم : ((لقد سمعنا من التوراة إن على الرجل أن يترك أباه وأمه ويتبع زوجته وإن الإثنين هما جسد واحد..أي أب وأية أم على الرجل أن يترك ،حتى يتبع زوجته ؟هوذا المقصود :عندما يكون الرجل أعزب يحب ويكرم الله أباه والروح القدس أمه،وليس له حب سواه)).لربما يرمي افراهاط ،من خلال هذا التشبيه ،الحث على البتولية ،وجعل الله يحمل مشاعر الإنسان من ابوّة وبنوّة وأمومة لأننا نجد أفرام وباباي يشبهان الثالوث بالعائلة:آدم ،وحواء وهابيل على كل حال .إنها صورة تعبيرية عن ((إنسانية))الله.
5-مريم مريميات أفراهاط بسيطة لا مغالاة فيها ،يستند فيها إلى معطيات الكتاب المقدس: ((ولد يسوع المسيح من مريم ـ التي هي من نسل داود ـ ومن الروح القدس)).((ويسوع هو ابنها البكر)).أما يوسف ،فدعي أباه بدون أن يكون من زرعه..إختارها الله بسبب تواضعها وبساطتها: ((إن المتواضعين هم أبناء العلي وأخوة يسوع..ومريم في تواضعها أستقبلت يسوع لما بشرها به جبرائيل بقوله لها:السلام عليك يا مباركة في النساء .حمل جبرائيل السلام ومعه الثمرة المباركة وغرز فيها الطفل الحبيب ..فسبحت وعظمت الرب الذي ارتضى بتواضع امته )). يلقب افراهاط مريم بالبتول والطوباوية .أما عبارة ((والدة الله))لم ترد عنده لأنها كانت محدودة الإنتشار في اوساط المسيحيين .
6-جماعة العهد في الموعظة السادسة يقدم افراهاط لجماعة العهد برنامجا شبه كامل ،مستوحى من التطويبات .في اعتقادي إنه أحد اعضائها البارزين: ((هذه الأمور التي اكتبها لك هي لي أيضا،لتنبيه كلينا)) هذه الجماعة مؤلفة من مؤمنين معمدين من كلا الجنسين ،لم يكن لهم دير ولا حصن ،إذ لم تكن الرهبنة ،بمفهومها القانوني الحصري ،قد دخلت إلى هذه الأطراف بعد ،يسكنون غالباً مع ذويهم ،أو في جماعات صغيرة متجانسة ،أو في الكنيسة الخورنية ،مكرسين حياتهم للخدمة وأعمال المحبة والرحمة والتعليم.وكانوا غير متزوجين لذا يسميهم بالوحيدين ،أي العازبين ، ويوصي أن تسكن البنات منفصلات عن البنين: ((ينبغي أن تسكن السيدات مع بعضهن والرجال مع بعضهم أيضا..أيها المتوحدون الأحباء هذه نصيحتي إليكم:ألا ناخذ لنا نساء وألا تأخذ العذارى ازواجاً ،لكي نتمكن من حمل نير المسيح )).ولكن بإمكانهم أن يتزوجوا متى ارادوا : ((كل رجل ابن العهد..يود أن تسكن معه امرأة ،من بنات العهد ،ينبغي أن يتزوجها علانية ،كذلك المرأة التي لا تود أن تنفصل عن الرجل المتوحد يجب أن تأخذه زوجا لها علانية)). وعلاوة على العزوبية ،التي هي اقتداء بالمسيح وحيد الله ،يكرس ابناء العهد أنفسهم للتأمل والصلاة والجهاد الروحي(7/15 ).أما تسميتهم بجماعة العهد ،فلأن كلمة ((قياما))تعني العهد أو القسم الذي أدّاه المؤمن في العماد ،وتشير أيضا إلى اليقظة التي كانت الجماعة المسيحية تتحلى بها في سهرها لاستقبال الرب وسميت ((الكنيسة))الأولى ب((قياما))بدلا من ((عيدتا))أو ((كنوشتا))للدلالة على شعب ((العهد الجديد))الساهر والملتئم حول الرب القائم.
7-العماد يسمي افراهاط العماد سرا ((سرياني))مقدسا كما جاء في صيغة الإيمان ويصفه ب ((وسم الحياة)) ،((لنحملن وسمه في أجسادنا ،لننجو من الغضب الآتي)). يعد العماد ولادة ثانية بالروح والماء: ((في العماد نقتبل روح المسيح.ففي الساعة التي يدعو فيها الكهنة الروح ،تنفتح السموات وينحدر الروح،ويرفرف على المياه ،ويلبسه الذين يعتمدون .إنه بعيد من المولودين بحسب الجسد ،لكنهم يقتبلون الروح القدس حينما يولدون من الماء .في الميلاد الأول يولدون بنفس روحية خالدة تخلق فيهم مثل آدم،وفي الميلاد الثاني ،المعمودية ،يقتبلون الروح القدس،جزء الألوهة غير المائت)). في مقارنته عبور اليهود البحر الأحمر بالعماد المسيحي ،يشير افراهاط إلى أن المسيح أسس العماد في عشائه الأخير عندما قام بغسل أرجل تلاميذه ومناولتهم: ((لقد اعتمد اليهود في البحر ليلة الفصح،يوم الخلاص ،والمخلص غسل أرجل تلاميذه ليلة الفصح،فأسس سر المعمودية ،فاعلم،أيها الحبيب ،إذ ذاك أعطاهم المعمودية الحقة)).ويدعم برهانه بقول يسوع لبطرس: ((أن لم أغسلك فلا نصيب لك معي))(يوحنا13/8)وبالمناولة،لأن المعمدين كانوا يشتركون مباشرة في القداس ويتناولون القربان المقدس ،غذاءهم الجديد .لذلك يضع افراهاط الاحتفال بالعماد في الزمن الفصحى14/15 نيسان حسب التقويم القمري كي يتمكن المعمدون من المناولة.
مفاعيله : - الانتماء إلى جماعة المؤمنين: ((في العماد ينتمي (المرء)إلى شعب الله ويشترك في تناول جسد ودم المسيح)). - غسل الخطايا ((أن اغتسلوا في ماء المعمودية وتناولوا جسد المسيح ودمه ،فدمه يغفر خطاياهم وجسده ينقي جسدهم ،وخطاياهم تغسل في الماء)). - عربون الخلود ،أي الموت والقيامة مع المسيح،((نحن أيضا أيها الحبيب ،قد اقتبلنا روح المسيح الساكن فينا ..لذا لنعد ذاتنا هياكل ـ لائقة ـ لروح المسيح)). في أغلب الظن توجد مسحة واحدة على الجبين: ((حالما فتح الباب لطلب المصالحة ،انقشع الظلام من عقول كثيرين ،وبإشراق نور الفهم وبحمل ثمار الزيتون الذي فيه وسم سر الحياة الذي به يكمل المسيحيون والكهنة والملوك والأنبياء ،يضيء الظلام ،ويدهن الخطاة ،ويقرب التائبين إلى سره الخفي)) .8-التوبة ظن البعض أن الموعظة السابعة تشرح التوبة، واستنتجوا أنها موجودة في كنيسة بين النهرين منذ أيام أفراهاط ،غير أن الموعظة ليست سوى نصائح وتحريضات عملية ،نابعة من الكتاب المقدس ،يقدمها الكاتب للذين سقطوا من جماعة العهد في سعيهم الروحي ،وهي لا تتعدى الإصلاح الأخوي الدقيق والعملي الذي يقوم به المرشد الروحي للجماعة،الذي يدعوه ((الطبيب الحكيم))،كما الحال لدى الأسينيين اليهود .يقول أفراهاط بأن جميع الناس معرضون للسقوط بشكل أو بآخر ،المسيح وحده لم يسقط ،لذا لا ينبغي أن يستسلموا لليأس ،بل عليهم أن يتوبوا ويهتدوا: ((لكل داء دواء يشخصه الطبيب الحكيم ويعالجه.إن الذين يصابون بجروح خلال جهادهم لهم دواء التوبة الذي يوضع جروحهم فيشفيها )). هذا الشفاء لا يتم إلا إذا أقرّ الخاطئ بذنبه،وطلب التوبة : ((يجب أن يقرّ بأنه قد أخطأ وأن يطلب التوبة ،لأن من يخجل ،لا يشفى،لأنه لا يريد إظهار جروحاته للطبيب)). للخطيئة أو الخطايا ،في نظر أفراهاط،ولو لا يشير البتة إلى طبيعتها ،تأثير كبير في مسيرة الجماعة لهذا السبب يحرّض الأطباء على التحلي بالرحمة والصبر وحفظ السرّ في ممارستهم دواء التوبة(7/4 ).ومما تجدر الإشارة إليه أنه يحذر الخاطي من السقوط ثانية ،لأنه يصعب جدا معالجته كما يؤكد بأن لا مجال للتوبة بعد الموت .
|
| |
|
tharwat_00 عضو مميز
عدد الرسائل : 266 العمر : 55 شفيعى : الشهيد العظيم مارى جرجس تاريخ التسجيل : 07/06/2008
| موضوع: رد: افراهاط الحكيم السبت يوليو 05, 2008 5:20 pm | |
| شكرا على الموضوع الجميل
بركة مارى جرجس تكون معاك اخى ميداد
وربنا يباركك ويعوض تعب محبتك خير | |
|