إذا كان لرجل ابن معاند ومارد ... يُمسكه أبوه وأمه ويأتيان به إلى شيوخ مدينته ... فيرجمه جميع رجال مدينته بحجارة حتى يموت (تث 21: 18 -21)
بالرغم من الحقيقة الدامغة أنه "لا فرق. إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله" (رو 3: 22 ،23)، وتبرهنت حالة الإنسان الساقط وهو في حالة التمرد والعصيان على الله وعلى السلطة المُعطاة منه للوالدين (رو 3: 22 ،17)، بالرغم من كل هذا لا نقرأ أن شريعة الابن المعاند والمارد قد طُبقت أو نفذت ولا مرة واحدة في كل العهد القديم!! لقد أشفق كل أبٍ على ابنه.
وهل يكتب الله شريعة يعلم أنها لن تُستخدم؟ حاشا .. فإن كان الروح القدس قد أملى على موسى هذه الشريعة، فلقد كان أمامه "أبٌ آخر وابن آخر"؛ الآب "الذي لم يُشفق على ابنه بل بذله لأجلنا أجمعين" (رو 8: 32 )، الآب الذي قدَّم ابنه الوحيد على الصليب في الجلجثة.
والذي يدعو إلى التعجب والدهشة، وأيضاً إلى السجود والخشوع، هو أن هذا الابن، الذي لم يُشفق أبيه عليه، هو الوحيد الفريد الذي ما كان قط مارداً ولا معانداً، حاشاه! لقد عاش على الأرض حياة هي إنسانية في كل شيء ما خلا الخطية، وكانت كل خطوة في حياته تحمل الشهادة لمحبته الكاملة لأبيه، وتشهد لمجده الأدبي الذي لم يكن ممكناً له أن يُستتر. لقد تميَّز طريقه بالخضوع التام لإرادة أبيه، وأطاعه في كل شيء، واستند عليه في كل شيء.
فلماذا إذاً لم يشفق الله على ابنه؟!
الإجابة التي تُظهر نعمة الله بلمعان هي أن الله بذل ابنه لأجلنا وقدَّمه كفارة لخطايانا. نحن أخطأنا وأثمنا وفعلنا الشر، وكنا بعدل نستحق الموت والعذاب الأبدي، ولكن الله "بذل ابنه الوحيد" ليكون بديلاً عن المارد والمُعاند، بديلاً عن السكير والمُسرف "كلنا كغنم ضللنا، مِلنا كل واحد إلى طريقه، والرب وضع عليه إثم جميعنا" (إش 53: 6 ).
نعم، أيها الأحباء، لم يشفق الله على ابنه، بل سلَّمه إلى شيوخ مدينته، مدينة أورشليم، وهؤلاء بدورهم، إمعاناً في القسوة والإهانة وإظهار الكراهية له، سلَّموه إلى الرومان، لا ليرجموه، بل ليصلبوه، ليقتلوه مُعلقاً على خشبة (تث 21: 22 ،23 قارن غل3: 13،14). ويا له من مشهد يستحضر أمامنا محبة الله في بذل ابنه، كما يستحضر أمامنا طاعة الابن الكاملة!