حوار من جهنم
أتتركنا يا الله هكذا في وسط هذه النار !! إن العذاب شديد لا يطاق ألسنا نحن صورتك وعمل يديك ! وكيف لا ترق لدموعنا ولا تنظر لحالنا وترثى لشقاوتنا ! أنظر يا اله الرحمة بعين الرأفة إلى أجسادنا كيف تتقلب في نار لا تحتملها حتى الحجارة الصلدة تعطف علينا أيها السيد.
امنحنا يسيراً من حنوك وقليلاً من مراحمك، أندوم هنا في هذا الشقاء ؟ أنت معروف بالرأفة أتدفعنا إلى الأبد في نار متقدة ملتهبة ودود لداغ لا يموت وظلمة خارجية قاتمة؟ أين مراحمك يا رب (مزمور 89 : 49) . ارحم يا ارحم الراحمين. فيجيبهم الديان العادل:
أجل لقد خلقتكم على صورتي ومثالي ولكنكم أهنتم صنع يدي وأفسدتموه حيث أني الآن لا أرى فيكم السمة التي كنتم متسمين بها حين خرجتم من بين يدي محوتم الصورة التي كانت تميزكم عن سائر المخلوقات.
يا قوم إني ما ظلمتكم بل أنتم الذين ظلمتم أنفسكم لقد رحمكم أبي وأشفق عليكم ولم يشفق علي أنا ابنه الحبيب ولما أتيت لخلاصكم لم تشفقوا علي بل رفعتموني على صليب وفي ضيقي لم ترقوا لحالي بل زدتم قساوة ولبثت أتحمل عذاب أيديكم وعذاب سيف العدل الإلهي الذي كان يمزق أحشائي، فمن أجلكم أنتم يا ناكري الجميل كل ذلك فما الذي فعلتموه لمكافأتي ! بل أي شيء لم تفعلوه من الخطايا والشرور لتهينوني به ، ألم تزدروا باسمي؟ الم تستهزئوا بكلامي ألم تدنسوا دمي الكريم ؟ هل طلبت منكم أمراً صعباً؟ هل سألت منكم أشياء عظيمة مكافأة لي على عملي؟
طلبت منكم في أثناء ضيقي ثوباً بالياً أتزر به .
طلبت منكم في جوعي رغيفاً واحداً أسد به رمقي فبددتم خيراتكم في الملاعب والملاهي والمعاشرات الرديئة ولم ترضوا أن تعطوني ما طلبته منكم وهو زهيد....
انتم أحببتم كل شيء أكثر مني !
من أجلكم تجسدت... من أجلكم بُصق على وجهي... من أجلكم صلبت مرفوعاً مرفوعاً على خشبة العار... من أجلكم سُقيت خلاً ، وهبت لكم مُلك ، أعطيتكم فردوس ماذا يصنع لكرمي وأنا لم اصنع (إشعياء 5 : 4) .
لم أطلب منكم لقاء ذلك أشياء صعبة لا تطيقون القيام بها، طلبت توبة خالصة وإيمان صحيح فلم تتوبوا ولم تشفقوا على أنفسكم بل احتقرتم كلامي واستهزأتم بمواعيد لقد قلت لكم إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون (لوقا 13 : 3 و 5) أعلنت لكم رهبة الدينونة وشدة العقاب فقلتم ((في يوم الله يعين الله)) صرحت لكم بوجود نار أبدية معدة تجاهلتم وقلتم إنما هو كلام وسألتم باستهزاء أين تكون البحيرة النارية أفي السماء أم في الأرض ؟ فما أجهلكم هل تأكدتم الآن أنه توجد نار أبدية؟ هل تحققتم العذاب؟ إذاً فاخضعوا للقضاء . واحتملوا الشقاء
أسألكم جميعاً... هل أنتم مظلومون.. نعم.ل أنتم للقصاص بعدل مستحقون نعم.. نعم .. يا رب انك لم تظلمنا بل نحن ظلمنا أنفسنا قضينا حياتنا غير حاسبين لهذه الساعة ولم نقبل فقيراً باسمك بل صرفنا حياتنا في إغاظتك وإهانتك وعلى ذلك نحن مستعدون الآن أن نقف أمامك ونبكي بحرقة على ذنوبنا ونندم على خطايانا ونغسلها بدموع غزيرة... أفلا تستحق طلقرب.لك رأفة ولو جزئية وحنواً ولو كان يسيراً؟ أشفق علينا يا رب.
فيقول الرب لهم: آه يا أيها الناس إنكم تريدون أن تقدموا ثمراً في غير أوانه وتطرحونه في غير وقته كم طلبت منكم أن تصنعوا أثماراً تليق بالتوبة (متى 3: 8) فأبيتم وكم أمهلتكم سنه بعد أخرى علكم تثمرون قبل أن أقطعكم (لو 13: 9) فكنتم لي كشجرة يابسة بينما للخطية شجرة حية تظهرون البخل من نحوي والسخاء من نحو الشيطان صلواتكم وتوسلاتكم الآن لا اقبلها وتضرعاتكم لا أسمعها ودموعكم لا التفت إليها. كيف أخرجكم من مكان عذابكم وأحضركم إلى مكاني المقدس وأجمعكم مع ألأطهار التائبين وتقيمون مع الملائكة القديسين ألم تعلموا أنه لا يدخل ملكوت السماوات شيء دنس ولا ما يصنع رجساً أو كذباً (رؤيا 21 : 27) فكيف أرحمكم وأنتم عالمين بقداسة المكان وقد تقرر أنه بدون قداسة لن يرى أحد الرب (عب 12 : 14) .
نعم.. نعم ... أيها السيد نقر أننا لا نستحق الرحمة وأننا لسنا أهلاً لها وخطايانا تشهد علينا...