حينما يتحطم القارب
ماذا تفعل إذا وجدت نفسك ذات يوم وقد أحاطت بك المخاوف من كل جهة ، تريد أن تحرمك من هدوء الذهن وسلام القلب ؟
ماذا ، لو ضغطت عليك الشدائد فتهت معها ولم تعد تدرى كيف تتصرف أو إلى أين تسير ..
ماذا ، لو داهمتك أعاصير الفشل ورياح القلق واشتهيت الراحة وبحثت عنها دون جدوى ..
ماذا لو تحطم قاربك وبت تصارع بين الغرق والحياة ، وليس من يمد يده لينتشلك .. هل ستخور عزيمتك .. ؟
هل ستنهزم .. هل تفقد الأمل ؟
هل تترك نفسك للغرق ..
لا .. لا تستسلم ، الآب السماوى الذى بذل ابنه لأجلك ، فى قلبه لهفة نحوك .. يحبك ، لا يريدك أن تفشل .
قد يخطئ أصدقاؤك فى فهم مقاصدك وقد يسيئون الظن بك وقد يحاول بعضهم أن يحطم قلبك بخيانته ، أما الله فليس كذلك .. هو "أب" وهل يترك "أبو الرأفة وإله كل تعزية " (2كو 3:1) .
ابنه يغرق أمام عينيه .. ألا تدفعه محبته التى بلاحدود لكى يتحرك فى الوقت المناسب لينتشله ويحمله على ذراعيه .
نعم ..
نعم ، لن يتركك أبدا إذا وضعت ثقتك كاملة فيه .. سيمد يده القوية نحوك .. سيحول هزيمتك إلى نصرة ، وستذوق عيناك النوم بلا أدوية ..
صديقى ، ليست هذه كلماتى أنا حتى ترتاب فيها وتظن إنني أخدرك .. كلا ، هذه هي كلمات الكتاب المقدس التى لا تكذب أبدا .
صديقى ، كفى إهدارا للوقت .. لماذا تترك ذهنك يفكر ويفكر بلا هوادة سائرا فى خط دائرى ليعود فى كل مرة إلى ذات النقطة التى بدأ منها .. ألا تسمع صوت الرب "كفاكم دوران " (تث 3:2) .
هيا .. إنني أشجعك .. هيا إلى مكان هادئ بعيدا عن الضجيج والصخب .. تعال ومعك أعظم كتاب فى الوجود لتقرأ فيه ..
هيا ومعك الكتاب المقدس ..
افتحه ، وقلب فى صفحاته باحثا عن الآيات التى تتحدث عن محبة المسيح ، التأمل فى محبته هو الإنقاذ .. هو أعظم علاج الفشل والقلق ..
كم يمتلئ الكتاب بالعديد جدا من هذه الآيات .. كم هى قوية ، ترفع النفس وتجدد الذهن وتملأ القلب بالسلام .. إنها بالفعل كما اختبرها أرميا النبى تجلب الفرح وبهجة القلب (ار 16:15) .
وقد تقول لى ، لم أنمو بعد فى حياتى مع الله بالقدر الذى يتيح لى أن أصل إلى هذه الآيات ، وحتى إذا وجدتها فليست لى طاقة ذهنية للتأمل فيها والانتفاع منها .. حسنا .. من أجل هذا السبب ارشدنا الله لنكتب لك هذه الصفحات التالية :
ولتسمح لنا أن نشاركك التأمل فى بعض من الآيات العظيمة للكتاب ، التى تتكلم عن محبة الله لنا ، والتى تسحق القلق وتأتى بالسلام الغامر إلى القلب ..
ولنبدأ بآية من سفر التثنية :
الآية تقول "حبيب الرب يسكن لديه آمنا . يستره طول النهار " (تث 12:33) .
والآن قبل أن تقرأ التأمل المكتوب فيها ارفع قلبك إلى الله وحدثه بمثل هذه الكلمات :
يارب .. يا من تحبني ..
أنت تعلم كل ما أجوز فيه ..
أنت تشعر بكل ما فى داخلى ..
سأقول الصدق معك ..
ليس لى قوة ..
ولكن نحوك عينى ..
ليتك تستخدم كلمات التأمل
لتشجيعى ،
ولتحريرى الكامل من القلق ..
حبيب الرب :
هل تصدق أن الرب يحبك .. كلمة الله تخبرنا بأن كل مؤمن حقيقى ، فتح قلبه للملك المسيح وقرر أن يحيا فى شركة معه ، له أن يتمتع دائما بهذه الثقة .. إنه "حبيب الرب " .
· إنه ضمن الذين قال عنهم الرسول بولس إنهم "المحبوبون من الله " (1تس 4:1) .
· إنه واحد من خراف الرب الخاصة التى يحبها " وفى حضنه يحملها " (أش 11:40) ويدعو كلا منها باسمه (يو 3:10) .
· وله أن يدرك أن الرب يحبه جدا جدا ، حبا شخصيا خاصا .. ويستطيع أن يقول عنه بفرح "الذى أحبنى وأسلم نفسه لأجلى " (غل 20:2) ..
· وله أن يتمتع بكلماته الكثيرة المفعمة بالحب مثل "محبة أبدية أحببتك .. " (أر 3:31) ، "لا تخف لأنى فديتك دعوتك باسمك أنت لى " (أش 1:42) ، "أنا الرب إلهك الممسك بيمينك القائل لك لا تخف أنا أعينك " (أش 13:41) .
· نعم قد يضعف المؤمن ويخطئ فيجرح قلب الرب المحب سواء بعدم الثقة فى أمانته أو بالتعدى على كلماته وأوامره .. لكن مع هذا فالرب "ليس عنده تغيير " (يع 17:1) ، لن يغير قط من محبته .
يا للمجد ، إن كل مؤمن فى شعب الله له أن يتمتع بهذا الحب ، حتى الذى أتى للتو من الكورة البعيدة معترفا بخطاياه وتائبا عنها .. وهذا الحب سيشفى أعماقه ..
ترى هل لا تزال نفسيتك مريضة إلى الآن وتعانى من الإحساس بالتفاهة وصغر النفس وانعدام الثقة فى القدرة على النجاح ؟ .. هذه الأحاسيس غالبا ما تسيطر على الإنسان إما بسبب مواقف فشل عديدة مر بها أو نتيجة لتربية بعيدة عن الإنجيل تبنت فكرة أنه أقل أو أصغر من غيره .
هل أنت كذلك ؟ .. انظر إن سفر التثنية عندما سجل لنا هذه الآية التى تبدأ بعبارة "حبيب الرب " سجلها ضمن حديثه لبنيامين .. وبنيامين هو أصغر إخوانه والوحيدفيهم الذى عانى من صدمة وفاة أمه لحظة ولادته ..
هل لازلت تعانى من الشعور بالنقص أو من آثار قسوة تعرضت لها بالماضي .. الرب يسوع يقول لك إنه أحب على نحو خاص بنيامين الصغير والذى حرم من حنان الأمومة .. وإنه أيضا يحبك ، يحبك جدا ..
ادخل إلى مخدعك واغلق بابك ، تحدث معه عن كل آلامك وصراعاتك الداخلية .. لا تمنع دموعك من الانهمار .. سيكشف الرب عن حبه الخاص لك وسيفيض بمحبته العجيبة داخل قلبك ، وسيشبعك ..
"حبيب الرب " عبارة جميلة جدا وحلوة للغاية .. الرب يحب المؤمنين به جدا ، يسكب محبته فى داخلهم ليشفيهم بها من كل آثار الجروح القديمة التى جرحوا بها فى الماضى من آخرين اقسوا عليهم أو استهزؤا بهم .
حب الرب يشفى المؤمن من نتائج مواقف الفشل السالفة ويعوضه بغنى عن السنوات التى عاناها محروما من الحب والحنان أو مهانا يتألم من سيطرة الآخرين واستهزائهم ..
تأمل معى كيف تمكنت السامرية أن تنتصر على عطشها الشديد لخطية النجاسة .. تأمل معى كيف تحولت فى موقف واحد من زانية مهانة إلى كارزة مقتدرة ، ولكن هل تغيرت بالقسوة ؟ .. كلا !! بل بحب الرب ، حبه العجيب ملأ فراغ قلبها .. أشبعها وأرواها ، ففاضت به إلى عطاش آخرين !!
أيها المؤمن ، هل تحطم قاربك وصرت تصارع الأمواج وحيدا .. إلتفت إلى الأمام ، ستلمح الرب سائرا فوق المياه المخيفة ، يتحداها مقتربا إليك .. امعن النظر إليه .. برغم كل شئ فسترى جماله العجيب ، ستنظر طلعته البهية .. ستنظره يقترب إليك وستسمعه يكلمك بصوته العذب .. رجاء أنصت إليه .. ستصل إلى أذنيك كلمات مطمئنة كثيرة .. سيقول لك إنني أحبك جدا .. إنني أشعر بك .. أنت لست وحيدا ، أنا معك .. لن تغرق أبدا .. لن تنهزم هات يدك بسرعة وضعها بلا تردد فى يدي ..