مُقَـدِّمَـة
أن دورالرجل والمرأة يتأثر بمعتقدات المجتمع والبيئة التي نشأوا فيها، ولأن الأدوار تحدد العلاقات، فأن تداخل الأدوار يؤدي الى تشويه العلاقة الزوجية.
لذلك نحتاج أن نرجع إلى كلمة الحياة، إلى الحق الكتابي، الذي يكشف لنا عن حقيقة دور الزوجين في الحياة الزوجية.
يؤكد آباء الكنيسة، إن سر الزواج قد أنشأه الله في الفردوس (تك 2)، فإن العلاقة الأولية التي كانت تربط آدم وحواء (التكامل، التكافؤ، المعُين) اصبحت بعد السقوط علاقة سيادة "يسود عليك"، وأيضًا علاقة انانية، وهذا بسبب اضطراب العلاقة مع الله الخالق.
فليست السيادة ولا الأنانية من ضمن إرادة الله للزواج بل أنها نتيجة لخطيئة الإنسان، لذلك سيعمل الله ليعين الإنسان لتخطي هذه الصعوبة، أي لتعود العلاقة كما في الأول أي قبل السقوط، ليس علاقة سيّد ومسؤول بل "المثيل المعين" الموجودين في حضرة الله، أي على نظير الثالوث.
إن استعادة الصورة الأصلية للزواج هي جانب من الدعوة المسيحية، ولكن هذا يتحقق برجوع الإنسان الخاطئ أولاً إلى الله بواسطة المسيح، أي بشفاء علاقته مع الله الخالق أولاً ثم العمل على شفاء علاقته الزوجية واستعادة مقاييس الزواج الأصلية.
فكما دبّر اللهُ خلاصًا للإنسان الخاطيء بابنه يسوع، فإن هذا الخلاص يمتد ليشمل العلاقة الزوجية، وهو أيضًا بابنه الرب يسوع. إذ اعطى الله للإنسان طريقًا إلى المقاييس الإلهية للزواج. إذ شبّه العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة بعلاقة المسيح (الرأس) مع جسده (الكنيسة).
إن كلام الرب في رسالة بولس الرسول إلى كنيسة أفسس (5/22-33) هي الطريقة (الخطة الإلهية) التي يُعالِج بها الله تأثير السقوط على مفهوم العلاقة الزوجية، "ايتها النساء، اخضعن لأزواجكن كما تخضعن للرب، لأن الرجل رأس المرأة كما أن المسيح رأس الكنيسة... أيها الرجال، أحبوا نساءكم مثلما أحب المسيحُ الكنيسة وضحى بنفسه من أجلها...".
لنتأمل قليلاً في مسؤولية الرجل والمرأة في الزواج من خلال كلمة الرب في الرسالة الى كنيسة أفسس:
دَور الرَجُل
في كلام الرب أعلاه، يعطي الله للرجل مسؤولية رأس العائلة ومسؤولية المحبة والتي تتمثل بمحبة المسيح.
فالله أوكل مسؤولية الرأس/ القيادة للزوج، لكن على الطرف الآخر أعطى الله للرجل مسؤولية الحب الملتزم والباذل لكي لا يتجبر في مسؤوليته الأولى ويتصرف كسيد، لأن السيادة وُجِدَت نتيجة اللعنة وليس في الصورة الأصلية للزواج في الجنة.
هذا، إضافة إلى أن آدم بعد السقوط نراه يرمي اللوم على حواء مُشيرًا بهذا إلى أنانيته وإلى أنه لم يحمل مع حواء خطأها وأراد تبرئة نفسه فقط. لذلك وصية الرب للرجل أن يحب زوجته كما أحب المسيح الكنيسة وأسلم نفسهُ من أجلها، يحبها كمحبة يسوع، محبة ملتزمة، متخلية عن مصالحها الشخصية. فوجود الزوجة اذن، سيكون "مُعيناً" للرجل للخروج من انانيته.
فالرب هنا يعطي مسؤولية للزوج تأخذ كل حياة آدم وطاقته "ان يحبها كمحبة المسيح". لأنهُ متجهًا اتجاهًا كاملاً نحو زوجته، نحو دعوة "الجسد الواحد".
إن وصية الرب للزوج هذه (المحبة) هي حاجة الزوجة الأولى وهي احدى أسس الزواج المسيحي، المحبة التي:
- تقدم ذاتها
- تكرس حياتها
- تلتزم صاحبها
- محبة مسؤولة
- محبة غير مشروطة
فالرب أعطى الزوج هدفًا يحتاج أن يعمل من أجله لأجل استعادة صورة الزواج الأصلية لحياته هو. إضافة إلى أن محبة كهذه، ستشجع المرأة على الخضوع أيضًا وتحمي الرجل من تجارب عاطفية خارج اطار الزواج (شهوة العين).
دَور المَرأة
يوصي بولس الرسول الزوجة "بالخضوع"... وهذا لأن المرأة هي التي أغويت أولاً، إشارة إلى ضعف المرأة من ناحية الخضوع أساسهُ عدم خضوعها لكلام الرب في الجنة. أما سبب هذا فهو عاطفية المرأة، فهي عمومًا تعطي مجال لمشاعرها، لذلك تكون متسرعة في اتخاذ القرارات، وهذا يؤذيها لأن المشاعر تكون متغيرة والقرارات السريعة عمومًا تعوزها الحكمة وتكون مؤذية لها ولمن حولها... (كما في السقوط).
لذلك تحتاج المرأة إلى "مُعين" للحد من اندفاعها بحسب المشاعر، ولكن ليس لأجل السيادة عليها. وهذا المُعين هو الزوج لأن الرجل أبطأ من المرأة في الحكم وفي التصرف لأنهُ عموماً عقلاني أكثر.
فوصية الرب للزوجة هي الخضوع، وهو الطريق الإلهي (الخطة الألهية) لها لتحقيق الزواج المثالي، لأن خضوعها سيحميها من اتخاذ القرارات السريعة، وعلى الطرف الآخر سيعين الرجل لكي يقود "وبمعونتها" أفضل، وأيضًا محبتهُ لها والتزامه لها سيزداد.
إن الزوجة مسؤولة عن خضوعها للزوج أمام الله، والزوج مسؤول عن محبته والتزامه لزوجته أمام الله أيضًا، لأن هذه هي وصية الرب لهما، ولا احد يسلط ضغطًا على الآخر. فالرب يسوع خضع للآب بالرغم من أنه متساوٍ معهُ، لكنه يخضع له بسبب ترتيب إلهي.
وختامًا فاللذين ليسوا في المسيح تجري عليهم لعنة السقوط، لكن الله أوجد لاولاده ولمؤسسة الزواج خلاصًا بابنه يسوع المسيح. له كل السجود، آمين.