في صباح أحد أيام السبت قرر فادى البالغ من العمر 6 سنوات أن يصنع كيكة من أجل
والديه ،أحضر سلطانية كبيرة وملعقة ، ثم جر كرسي للمطبخ ووقف عليه ،وفتح دولاب
المطبخ وسحب علبة الدقيق الثقيلة فسقطت منه وانتشر الدقيق على الأرض ،ولكنه
على كل حال اغترف بعض الدقيق بيديه ووضعه في السلطانية ثم خلط كوبا من اللبن
معه ثم أضاف بعض السكر تاركا باقي الدقيق على الأرض حتى أن قطته مشت عليه
فامتلأ بآثار أقدامها و قد غطا الدقيق فادى نفسه الذي امتلأ بالإحباط . لقد أراد أن يصنع
شيئا جيدا لأباه و أمه ، وها قد أصبح ما فعله شيئا بشعا ، ولم يعرف ما الذي يفعله بعد
ذلك، هل يضع الذي خلطه في الفرن الكهربائي الذي لا يعرف كيف يشغله أم في
البوتاجاز وفجأة رأى قطته تلعق من السلطانية التي بها الخليط ، فجرى نحوها ليبعدها
فاصطدم بكرتونة البيض فوقعت على الأرض . أخذ يحاول بجنون أن ينظف ويرتب الفوضى
التي أحدثها ، ولكنه انزلق في البيض مما جعل بيجامته البيضاء لزجة و متسخة إلى أبعد
الحدود . وفى هذه اللحظة رأى والده واقفا بالباب !!! وتدفقت دموع غزيرة من عيني
فادى ، لقد أراد أن يفعل شيئا حسنا ولكنه في الحقيقة صنع فوضى ضخمة مزعجة . كان
موقنا أن والده سيعنفه بشدة ، ولكن والده ظل واقفا بالباب يراقبه للحظات ، ثم خطا
والده مخترقا هذه الفوضى وحمل ابنه الذي كان يصرخ باكيا واحتضنه بحب دون أن يبدى
أي اهتمام ببيجامته المتسخة .
أختي و أخي هذه هي الطريقة التي يتعامل بها الله معنا ، نحن نحاول أن نصنع شيئا
جيدا في حياتنا ، لكننا نحوله إلى فوضى ، قد نفقد بهجة زواجنا ، قد نسئ إلى صديق
غالى أو نهينه ، و لا نستطيع أن نثابر في عملنا أو نحافظ على صحتنا . وأحيانا نقف
باكيين بعيون ممتلئة بالدموع لأننا لا نعرف ما الذي نفعله أو حتى نفكر في شيء آخر
نعمله و في هذه المواقف يحملنا يسوع المسيح بين يديه ويظهر محبته لنا ويغفر لنا ،
حتى حينما تكون الفوضى التي صنعناها قد أصابته هو شخصيا . ولأننا بشرا و لا بد أن
نخطئ فإننا لن نستطيع أن نتوقف عن عمل الكيك لأجل الله وللآخرين ، فإننا عاجلا أو
أجلا سنفعله بدقة أكثر ، وعندئذ ستفيض قلوبهم بفرحة نجاح محاولاتنا .
علمني إن اعمل رضاك لأنك أنت الهي روحك الصالح يهديني في ارض مستوية ( مزمور 10: 143)
أعلمك و أرشدك الطريق التي تسلكها أنصحك عيني عليك ( مزمور 8 : 32 )